صادفتُ فيديو لطبيب أمريكي يدعى روبرت لستغ (Robert Lustig) يفرق بين اثنين من أكثر المشاعر التي نخلط بينهما، وهما اللذة والسعادة..
سأشارك أبرز الأفكار التي لفتت انتباهي وسأغض الطرف عن بعض الاعتراضات والتساؤلات..
الفرق بين اللذة والسعادة في 7 مسارات
اللذة قصيرة الأجل | السعادة طويلة الأجل |
اللذة جسدية | السعادة روحية |
اللذة أخذ | السعادة عطاء |
يمكن تحقيق اللذة بالمواد والعقاقير | لا يمكن تحقيق السعادة بالمواد والعقاقير |
تختبر اللذة وحدك | السعادة تُختبر مع الآخرين |
تؤدي أقصى درجات اللذة إلى الإدمان | السعادة تشعرك بالرضا والطمأنينة |
اللذة مرتبطة بالدوبامين | السعادة مرتبطة بالسيروتونين |
الثقافة الأمريكية والاستهلاكية تجعلك تخلط بين الاثنين عن عمد، وتُخيِّل لك طريقًا للسعادة عبر إدمان اللذة، وهو ما ينتقده د. روبرت أيضًا، ويقول إن الشركات تخلط عن عمد بين اللذة والسعادة لتبيع منتجاتها، ما تسبب في انتشار التعاسة.
الفرق بين اللذة والسعادة من منظور كيمياء الدماغ
- الدوبامين والسيروتونين ناقلان عصبيان يُستخدمان في التواصل الكيميائي بين خلايا الدماغ.
- عند إفراز الدوبامين بكميات كبيرة، يحدث تحفيز مفرط للخلايا العصبية، ما قد يعرّضها للتلف إذا استمر هذا التحفيز لفترة طويلة. ولحماية نفسها، تقوم الخلايا بتقليل عدد مستقبلات الدوبامين، ما يدفع الشخص إلى زيادة الجرعة من أجل الحصول على الشعور الممتع نفسه، لينتهي الأمر في النهاية بالإدمان.
- السيروتونين، بالمقابل، مثبط ولا يؤدي لتحفيز مفرط للخلايا العصبية، بل يوفر الشعور بالرضا والطمأنينة، ولا يسبب الإدمان. لكن المفارقة أن الدوبامين يُثبط السيروتونين. وكلما سعيت وراء اللذة، زادت تعاستك.
كيف نكون أقرب للسعادة؟
إذا كانت ممارساتنا اليومية تساهم في رفع مستويات السيروتونين فسنكون أقرب بالتأكيد.
يذكر د. روبرت 4 مسارات تساهم في ذلك: التواصل، المساهمة، إدارة الضغوط، والطهي لنفسك.
- التواصل الشخصي يولد التعاطف ويرفع السيروتونين، بينما التواصل عبر منصات مثل فيسبوك يرفع الدوبامين فقط ويزيد التعاسة.
- المساهمة تعني العطاء للآخرين، داخل وخارج العمل.
- إدارة الضغوط (النوم الكافي، التأمل، والرياضة).
- الطهي لنفسك يعني تناول غذاء غني بالتريبتفان (Tryptophan) وأوميغا 3، وتقليل الفركتوز (السكر) والأفضل تركه تمامًا.
كما أن التعرض لأشعة الشمس والصحبة الجميلة والتعبد كلها أشياء تساهم في ذلك أيضًا، إذا بحثت أكثر عن السيروتونين وما يساهم في رفع مستوياته.
كيف نعرف أننا مدمنون؟
من الصعب أحيانًا معرفة ذلك، لكن من العلامات أن يتحول الشيء من رغبة إلى حاجة.
هذه الحاجة تظهر في التسوق، الألعاب، الهواتف… يمكنك أن تلاحظ الأشياء التي خرجت من دائرة رغباتك إلى احتياجاتك وأصبحت تسيطر عليك وعلى مزاجك إن لم تتوفر..
في العادة، يهرب كثير من الناس من مصاعب الحياة بإحاطة أنفسهم بمزيد من اللذة والمتعة في محاولةٍ للنجاة أو الفرار مما يثير جنونهم، فتتحول هذه اللذة من رغبة إلى حاجة، ومن حاجة إلى شيء لا يمكن الاستغناء عنه.
“الإدمان وسيلة هروب من ألم عميق” كما يتحدث عنه د. عماد رشاد عثمان
وهذا الهروب في حقيقته فرار من نموِّنا وسعادتنا وما نستحقه في هذه الحياة، لأننا إذا بدأنا المواجهة وصبرنا عليها مع مشقتها، سينتهي هذا الشقاء ويوصلنا إلى مزيد النعم.
وبشكل شخصي، أومِن بأن لكل لذّةٍ ثمنًا يجب أن ندفعه.
وبعض الملذات تلتهم كلّ ما هو جميل دون أن نشعر..